ليبيا

بيان رقم (4) لسنة 2025 بشأن انتشار الجرائم الإلكترونية في ليبيا

بيان رقم (4) لسنة 2025 بشأن انتشار الجرائم الإلكترونية في ليبيا

بيان مركز القانون الدولي الإنساني بشأن انتشار الجرائم الإلكترونية في ليبيا

في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، أصبح الفضاء الإلكتروني مجالًا رئيسيًا لممارسة الحقوق والحريات الأساسية، لا سيما الحق في حرية التعبير، وحماية الخصوصية، وأمن البيانات الشخصية، إلا أن هذا التطور صاحبه تصاعد ملحوظ في الجرائم الإلكترونية، التي لا تقتصر على تهديد الأفراد فحسب، بل تمتد إلى تقويض الأمن العام، وزعزعة الثقة في الأنظمة الرقمية، والإضرار بالاقتصاد الوطني، ونشر الشائعات لتضليل الرأي العام، وفي هذا السياق، يؤكد مركز القانون الدولي الإنساني على ضرورة تبني نهج متوازن يكفل التصدي للجرائم الإلكترونية بكفاءة، مع ضمان احترام الحقوق والحريات التي يكفلها الإعلان الدستوري والتشريعات الوطنية.

أولًا: الإطار القانوني لمكافحة الجرائم الإلكترونية بليبيا

استجابةً لهذه التحديات، اعتمد المشرّع الليبي القانون رقم 5 لسنة 2022 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية، والذي يهدف إلى:

  • تجريم الأفعال الضارة المرتكبة عبر الفضاء الإلكتروني، بما في ذلك الاحتيال السيبراني، اختراق البيانات، انتهاك الخصوصية، ونشر المحتويات غير المشروعة، وغيرها.
  • إرساء توازن دقيق بين متطلبات الأمن الإلكتروني وحماية الحقوق الأساسية، لضمان عدم استخدام مكافحة الجرائم الإلكترونية كوسيلة لتقييد الحريات المشروعة.
  • تنظيم استخدام البيانات الشخصية وآليات جمعها ومعالجتها، بما يضمن احترام الحق في الخصوصية وعدم التعسف في مراقبة الأفراد.
  • وضع إطار قانوني واضح لإنفاذ القانون بفعالية مع ضمان الضمانات القانونية اللازمة، بما يحول دون أي تجاوزات أو انتهاكات للحقوق أثناء تطبيقه.

ثانيًا: الإطار التنفيذي ودور الجهات المختصة

تتولى إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية والجهات المعنية مسؤولية تطبيق أحكام القانون وفق معايير قانونية وحقوقية متقدمة، وتشمل مهامها:

  • الرصد والتحليل السيبراني:  تطوير آليات حديثة لمتابعة الأنشطة غير المشروعة في الفضاء الإلكتروني، مع التقيد بالمعايير القانونية عند التعامل مع البيانات الرقمية.
  • التحقيق والضبط وفق الإجراءات القانونية:  ضمان احترام حقوق المتهمين في جميع مراحل التحقيق، مع الالتزام بمبادئ النزاهة والشفافية في جمع الأدلة الرقمية.
  • تعزيز الوعي المجتمعي بالتهديدات الإلكترونية:  نشر ثقافة الأمن السيبراني، وتعزيز قدرات الأفراد والمؤسسات على مواجهة المخاطر الرقمية، دون المساس بحرية الاستخدام المسؤول للفضاء الإلكتروني.
  • التنسيق مع السلطات القضائية والمؤسسات الحقوقية: لضمان المواءمة بين إنفاذ القانون وحماية الحقوق الدستورية.

ثالثًا: توصيات لتعزيز النهج الحقوقي في مكافحة الجرائم الإلكترونية

  • ضمان التطبيق الدقيق لأحكام القانون رقم 5 لسنة 2022، بما يكفل تحقيق الردع دون المساس بالحقوق والحريات الأساسية.
  • تعزيز الضمانات القانونية والإجرائية في عمليات التحقيق والملاحقة، لمنع أي إساءة استخدام أو تقييد غير مشروع للحريات.
  • مواءمة السياسات الوطنية مع المعايير الدولية في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية البيانات الشخصية.
  • تشجيع الحوار بين الجهات الأمنية والقضائية والمجتمع المدني لضمان نهج تشاركي يحقق التوازن بين الأمن السيبراني وصون الحقوق الأساسية.

ختامًا:

يثمّن مركز القانون الدولي الإنساني الجهود التي تبذلها إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية وكافة الأجهزة الأمنية المختصة في التصدي للجرائم الإلكترونية، ويؤكد على أهمية استمرار هذه الجهود في إطار يحترم سيادة القانون، ويضمن التوفيق بين ضرورات الأمن الرقمي وضمان الحقوق والحريات المكفولة دستوريًا، كما يدعو المركز إلى تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات المعنية، والاستثمار في تطوير القدرات التقنية والتشريعية لمواجهة التحديات المستقبلية في هذا المجال، بما يسهم في تحقيق بيئة رقمية آمنة وعادلة في ليبيا.

Leave a Reply

Your email address will not be published.Required fields are marked *