عانت المجتمعات الإنسانية منذ القِدَم وفي مختلف العصور من ويلات النزاعات المسلحة. تِلك النزاعات التي لطالما امتدت آثارها إلى الجميع دون تفريقٍ أو استثناء، ولكن ضلّت بعض الفئات كالأطفال والنساء والأطقم الطبية وغيرهم هم الخاسر الأكبر من اندلاع تِلك الحروب على الرغم من عدم اشتراكهم فيها.

وبتطور الحروب وأساليبها وآثارها تطورت كذلك القوانين المنظمة لتلك الحروب على فتراتٍ متعاقبة، إلى أن وُجِدَ القانون الدولي الإنساني في العصر الحديث، حيث وضع هذا القانون الأُطر العامة للنزاعات المسلحة في محاولة لتنظيم تِلك النزاعات وأَنْسَنَتِها، وكذلك الحد من الآثار المُترتبة عنها قدر المُستطاع.

ونظرًا لدخول ليبيا في دوامةٍ من النزاعات المسلحة المتعاقبة في العقد الأخير وما تلا تلك النزاعات من آثار جسيمة، وفي ضلّ غياب قوانينَ وتشريعاتٍ تنظم النزاعات المسلحة وتُحاسب الجناة على انتهاكاتهم وتُوقع العقوبة عليهم، إضافةً إلى عدم وجود تناغم وموائمةٍ بين التشريعات المحلية وقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني. جاءت من هُنا فكرة تأسيس (مركز القانون الدولي الإنساني - IHCL) لنحمل على عاتقنا نشر ثقافة ومبادئ وأحكام القانون الدولي الإنساني داخل وخارج ليبيا، ونُساهم في رفع مستوى الوعي به، ونسعى بقدر المُستطاع إلى أن تكون قواعده وأحكامه نافذة ومُطبّقة.